للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا رواه أبو داود (١٣٨) من طريق [بُسْر بن] [١] [عبيد الله] [٢]، عن أبي إِدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة قال: قال رسول الله : "إِذا أرسلت كلبك، وذكرت اسم الله، فكل وإِن أكل منة، وكل ما ردت عليك يدك".

وهذان إِسنادان جيدان، وقد روى الثوري، عن سماك بن حرب، عن عدي قال: قال رسول الله : "ما كان من كلب ضارٍ أمسك عليك فكل" قلت: وإِن أكل؟ قال: "نعم".

وروى عبد الملك بن حبيب، حدثنا أسد بن موسى، عن ابن أبي زائدة، عن الشعبي، عن عدي بمثله (١٣٩).

فهذه آثار دالة على أنه يغتفر إن أكل منه الكلب، وقد احتج بها من لم يحرم الصيد بأكل الكلب وما أشبهه، كما تقدم عمن حكيناه عنهم. وقد توسط آخرون فقالوا: إِن أكل عقب ما أمسكه، فإِنه يحرم لحديث عدي بن حاتم، وللعلة التى أشار إِليها النبي : "فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه". وأما إِن أمسكه، ثم انتظر صاحبه، فطال عليه وجاع، فأكل منه لجوعه، فإِنه لا يؤثر في التحريم، وحملوا على ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني. وهذا تفريق حسن، وجمع بين الحديثين صحيح. وقد تمني الأستاذ أبو المعالي الجويني في كتابه النهاية، أن لو فصَّل مفصِّل هذا التفصيل، وقد حقق الله أمنيته، وقال بهذا القول والتفريق طائفة من الأصحاب منهم، وقال آخرون قولًا رابعًا فى المسألة، وهو التفرقة بين أكل الكلب، فيحرم لحديث عدي، وبين أكل الصقور ونحوها فلا يحرم؛ لأنه لا يقبل التعليم إِلا بالأكل.

وقال ابن جرير (١٤٠): حدثنا أبو كريب، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا أبو إِسحاق الشيباني، عن حماد، عن [٣] إِبراهيم، عن ابن عباس أنه قال فى الطير: [إِذا أرسلته فقتل فكل، فإِن الكلب إِذا ضربته لم يعد، واِن تعليم الطير أن] [٤] يرجع إِلى صاحبه وليس


(١٣٨) - تقدم رقم (٦٥).
(١٣٩) - تقدم رقم (٥٨).
(١٤٠) - تفسير الطبرى (٩/ ٥٥٧) (١١١٧٥) وإسناده حسن؛ لأجل حماد بن أبى سليمان، فإنه قال فيه الحافظ فى التقريب: صدوق له أوهام. لكن إبراهيم وهو ابن يزيد النخعى لم يسمع من ابن عباس=