للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

] [١] لهما: "أليس عندكما التوراة فيها حكم الله". قالا: بلى. فقال النبي : "فأنشدكم بالذي فلق البحر لبني إسرائيل، وظلل عليكم الغمام، وأنجاكم من آل فرعون، وأنزل المن والسلوى على بني إسرائيل، ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ ". فقال أحدهما للآخر: ما نشدت بمثله قط. قالا: نجد ترداد النظر زنية، والاعتناق زنية، والتقبيل زنية، فإذا شهد أربعة أنهم رأوه يبدئ ويعيد كما يدخل الميل في المكحلة، فقد وجب الرجم. فقال النبي : " هو ذاك". فأمر به فرجم، فنزلت: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢)﴾.

ورواه أبو داود وابن ماجة: من حديث مجالد به نحوه، ولفظ أبي داود: عن جابر، قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا، فقال : "ائتوني بأعلم رجلين منكم" فأتوه بابني صوريا فنشدهما: "كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ " قالا: نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنَّهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما. قال: "فما يمنعكم أن ترجموهما". قالا: ذهب سلطاننا، فكرهنا القتل. فدعا رسول الله بالشهود، فجاء أربعة فشهدوا: أنهم رأوا ذكره [في فرجها] [٢] مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول الله برجمهما.

ثم رواه أبو داود: عن الشعبي وإبراهيم النخعي مرسلًا، ولم يذكر فيه: فدعا بالشهود فشهدوا.

فهذه أحاديث دالة على أن رسول الله حكم بموافقة حكم التوراة، وليس هذا من باب الإلزام لهم بما يعتقدون صحته؛ لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة، ولكن هذا بوحي خاص من الله ﷿ إليه بذلك وسؤاله إياهم عن ذلك، ليقرّرهم على ما [٣] بأيديهم مما تراضوا على كتمانه وجحده، وعدم العمل به تلك الدهور الطويلة، فلما اعترفوا به مع عملهم [٤] على خلافه، بان زيغهم وعنادهم وتكذيبهم لما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم، وعدولهم إلى تحكيم الرسول إنما كان عن هوى منهم وشهرة، لموافقة آرائهم لا لاعتقادهم صحة ما يحكم به، ولهذا قالوا [٥]: ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في ز: "علمهم".
[٥]- في ز: "قال و".