للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مثله. قال أيوب: قلت لنافع: فالحية؟ قال: الحية لا شك فيها، ولا يختلف في قتلها.

ومن العلماء كمالك وأحمد من ألحق بالكلب العقور الذئب والسبع والنمر والفهد؛ لأنها أشد ضررًا منه، فالله أعلم. وقال [زيد بن أسلم وسفيان بن عيينة]: الكلب العقور يشمل هذه السباع العادية كلها. واستأنس من قال بهذا بما روي أن رسول الله لما دعا على عتبة بن أبي لهب قال: "اللهم سلط عليه كلبك بالشام" (٧٢٣). فأكله السبع بالزرقاء قالوا: فإن قتل ما عداهن فداها كالضبع والثعلب وهو البر ونحو ذلك.

قال مالك: وكذا يستثنى من ذلك صغار هذه الخمس المنصوص عليها، وصغار الملحق بها من السباع العوادي. وقال الشافعي: يجوز للمحرم قتل كل ما لا يؤكل لحمه، ولا فرق بين صغاره وكباره، وجعل العلة الجامعة كونها لا تؤكل.

وقال أبو حنيفة: يقتل المحرم: الكلب العقور، والذئب؛ لأنه كلب بري، فإن قتل غيرهما فداه، إلا أن يصول عليه سبع غيرهما فيقتله فلا فداء عليه. وهذا قول الأوزاعي والحسن بن صالح بن حيي [١].

وقال زفر بن الهذيل: يفدي ما سوى ذلك وإن صال عليه.

وقال بعض الناس: المراد [بالغراب هاهنا الأبقع]، وهو الذي في بطنه وظهره بياض، دون الأدرع وهو الأسود، والأعصم وهو الأبيض، لما رواه النسائي (٧٢٤) عن عمرو بن علي الفلاس، عن يحيى القطان، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، عن النبي قال: "خمس يقتلهن المحرم؛ الحية، والفأرة، والحدأة، والغراب


(٧٢٣) - كذا ذكره القاضي عياض في الشفا بدون إسناد، ونقله الحافظ ابن كثير في تفسير سورة النجم، الآية (٩) وقال: ذكره الحافظ ابن عساكر بسنده إلى هبار بن الأسود، ، ورواه الحاكم (٢/ ٥٣٩) من طريق نوفل بن أبي عقرب عن أبيه قال: كان لهب بن أبي لهب يسب النبي فقال النبي : "اللهم سلط عليه كلبك" فذكر الحديث وقد حسنه الحاكم في فتح الباري (٤/ ٣٩).
(٧٢٤) - " المجتبي" كتاب مناسك الحج، باب: قتل الحية (٥/ ١٨٨)، والحديث رواه مسلم كتاب الحج، باب: ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم حديث (١١٩٨/ ٦٧)، والنسائي كتاب مناسك الحج، باب: قتل الحية في الحرم (٥/ ٢٠٨) من طرق عن شعبة بهذا الإسناد بلفظ: "يقتلن في الحل والحرم". وللحديث طرق أخرى عن عائشة في الصحيحين وغيرهما.