للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَبو سعيد هذا ليس بأبي سعيد بن المعلى، كما اعتقده ابن الأثير في جامع الأصول (٢٢) ومن تبعه، فإنّ ابن المعلى صحابي أنصاري، وهذا تابعي من موالي خزاعة، وذاك الحديث متصل صحيح، وهذا ظاهره أنه منقطع، إن لم يكن سمعه أَبو سعيد هذا من أبي بن كعب، فإن كان قد سمعه منه فهو على شرط مسلم، والله أعلم.

على أنَّه قد روي عن أبي بن كعب من غير وجه، كما قال الإمام أحمد (٢٣): حدَّثنا عفان، حدَّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدَّثنا العلاء [١] بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: خرج رسول الله على أبي بن كعب وهو يصلي، فقال: "يا أبي" فالتفت ثم لم يجبه، ثم قال: "أبي". فخفف ثم انصرف إلى رسول الله فقال: السلام عليك أي رسول الله. فقال: "وعليك السلام، ما منعك -أي أبي- إذ دعوتك أن تجيبني؟ ". فقال: أي رسول الله؛ إني كنت في الصلاة. قال: "أولست تجد فيما أوحي الله [٢]، إلي ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾؟ " قال: بلى يا رسول الله؛ لا أعود. قال: "أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل لا [٣] في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها؟ " قلت: نعم، أي رسول الله. قال رسول الله : "إني لأرجو أن لا أخرج من هذا الباب حتى تعلمها". قال: فأخذ رسول الله بيدي يحدّثني وأنا أتبطأ مخافة أن يبلغ قبل أن يقضي الحديث، فلما دنونا من الباب قلت: أي رسول الله؛ ما السورة التي وعدتني؟ قال: "ما تقرأ في الصلاة؟ " قال: فقرأت عليه أمّ القرآن، قال: "والذي نفسي بيده ما أنزل الله [٤] في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، إنها السبع المثاني".

ورواه التِّرمِذي عن قتيبة، عن الدراوردي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة


(٢٢) - جامع الأصول (٨/ ٤٦٦).
(٢٣) - المسند (٢/ ٤١٢، ٤١٣)، وعبد الرحمن بن إبراهيم: قال الدوري عن ابن معين: ثقة. وقال العجلي: ثقة. وقال النَّسائي: ليس بالقوي. وقال أَبو زرعة: لا بأس، أحاديثه مستقيمة. وقال أَبو حاتم: ليس بقوي. روى عن العلاء بن عبد الرحمن حديثًا منكرًا. وقال أبو داود: وهو عندي منكر الحديث، وعن ابن معين: ليس بشيء. وقال العقيلي: منكر الحديث، وأخرج له الدارقطني حديثًا من طريقه، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وضعفه به. وقال ابن حبان: منكر الحديث، يروي ما لا يتابع عليه، وليس بالمشهور في العدالة، على أن التنكب عن أخباره أولى. إلا أنَّه قد توبع، تابعه عبد العزيز بن محمد عند التِّرمِذي، كما في الحدث التالي، وعبد الحميد بن جعفر عند عبد الله بن أحمد كما سيأتي بعد حديثين. =