للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والقول الثاني) أنه يتعين [١] قراءة الفاتحة في الصلاة، ولا تجزئ الصلاة بدونها، وهو قول بقية الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأصحابهم وجمهور العلماء، واحتجوا على ذلك بهذا الحديث المذكور حيث قال -صلوات الله وسلامه عليه-: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج" والخداج هو الناقص كما فسر [] [٢] في الحديث ["غير تمام"] [٣].

واحتجوا أيضًا بما ثبت في الصحيحين (٤٤) بن حديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت؛ قال: قال رسول اللَّه : "لا صلاة لمن لم [٤] يقرأ بفاتحة الكتاب".

وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة (٤٥) قال: قال رسول الله : "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بأمّ القرآن". والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ووجه المناظرة هاهنا يطول ذكره، وقد أشرنا إلى [مأخذهم في ذلك] [٥]، .

ثم إن مذهب الشافعي وجماعة من أهل العلم أنه تجب قراءتها في كل ركعة.

وقال آخرون: إنما [٦] تجب قراءتها [٧] في معظم الركعات، وقال الحسن وأكثر البصريين: إنما تجب قراءتها [٨] في ركعة واحدة من الصلوات [٩] أخذًا بمطلق الحديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحه الكتاب". وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي: لا تتعين [١٠] قراءتها، بل لو قرأ بغيرها أجزأه لقوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا [١١] مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [كما تقدم] [١٢]، والله أعلم.


(٤٤) - رواه البخاري في الأذان برقم (٧٥٦)، ومسلم في الصلاة برقم (٣٩٤).
(٤٥) - صحيح ابن خزيمة برقم ٤٩٠ - (١/ ٢٤٨)، وصحيح ابن حبان برقم (٤٥٧ موارد)، ورواه أحمد (٢/ ٤٥٧، ٤٧٨)، والطحاوي في شرح المعاني (١/ ٢١٦)، وفي المشكل (٢/ ٢٣) وقال ابن حبان: لم يقل في خبر العلاء هذا: "لا تجزئ" إلا شعبة، ولا عنه إلا وهب بن جرير، ومحمد بن كثير.