للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الترمذي: مرسل، يعني أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلق معاذ بن جبل فإنه مات قبل سنة عشرين.

(قلت): وقد يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى سمعه من أبي بن كعب كما تقدّم، وبلغه عن معاذ بن جبل، فإنّ هذه القصة شهدها غير واحد من الصحابة .

قال البخاري: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت؛ قال: قال سليمان بن صرد : استب رجلان عند النبي ونحن عنده جلوس، فأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمرّ وجهه، فقال النبي : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجده، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول رسول الله ؟! قال: إني لست بمجنون (٦٣).

وقد رواه أيضًا مع مسلم وأبي داود والنسائي من طرق متعددة عن الأعمش، به (٦٤).

وقد جاء في الاستعاذة أحاديث كثيرة يطول ذكرها هاهنا، وموطنها كتاب الأذكار وفضائل الأعمال، والله أعلم.

وقد روي أن جبريل -أوّل ما نزل بالقرآن على رسول الله أمره بالاستعاذة، كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير (٦٥):

حدَّثنا أبو كريب، حدثنا [١] عثمان بن سعيد، حدثنا بشر بن عمارة، حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس؛ قال: أوّل ما نزل جبريل على محمد ؛ قال: "يا محمد؛ استعذ" قال: "أستعيذ [باللَّه السميع] [٢] العليم من الشيطان الرجيم" ثم


(٦٣) - رواه البخاري في الأدب، باب: الحذر من الغضب برقم (٦١١٥).
(٦٤) - رواه مسلم في البر والصلة، والآداب برقم (٢٦١٠)، وأبو داود في الأدب، باب: ما يقال عند الغضب برقم (٤٧٨١)، والنسائي في الكبرى برقم (١٠٢٢٤، ١٠٢٢٥).
(٦٥) - تفسير ابن جرير ١٣٧ - (١/ ١١٣). وبشر بن عمارة: قال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث.
وقال البخاري تعرف وتنكر. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: كان يخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد. وقال ابن عدي: لم أر في أحاديثه حديثًا منكرًا وهو عندي حديثه إلى الاستقامة أقرب. قلت: وقال البرقاني عن الدارقطني: متروك. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وقال الساجي مثل البخاري. وأما أبو روق واسمه عطية بن الحارث: فثقة.
وأما الانقطاع الذي أشار إليه ابن كثير، فهو لين الضحاك وابن عباس.