للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والظاهر أن الآية عامّة في كل من فارق دين الله، وكان مخالفًا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد [١] لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه ﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾ أي: فرقًا كأهل الملل والنحل و [] [٢] الأهواء والضلالات، [فإن الله تعالى] [٣] قد برأ [رسول الله ] [٤] مما هم فيه، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ] [٥]﴾، وفي الحديث (٣٨٦): " نحن معاشر [٦] الأنبياء أولاد علات ديننا واحد".

فهذا هو الصراط المستقيم، وهو ما جاءت به الرسل من عبادة الله وحده لا شريك له، والتمسك بشريعة الرسول المتأخر، وما خالف ذلك فضلالات وجهالات، وآراء وأهواء، والرسل برآء منها، كما قال الله تعالى: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ] [٧]﴾، ثم بين [لنفسه فضله سبحانه في حكمه وعدله


= وقال ابن الجوزي ونقل كلام الدارقطني هذا: "أما بقية فكان يدلس والظاهر أنه سمع من ضعيف فأسقط ذكره فلا يوثق بما يروي، وأما وهب فقال ابن عروبة: كذاب يضع الحديث يكذب كذبًا فاحشًا" قلت: وما استظهره ابن الجوزي صواب، فقد أفاد أبو حاتم في "العلل" (١/ رقم ١٧٢٤) أن محمد بن المصفى كان يروي دهرًا من الدهر هذا الحديث عن بقية عن شعبة عن مجالد به قال: "وحدث عوذة بهذا الحديث عند عمرو بن عثمان قال: حدثنا بقية قال: حدثنا الثقة عن مجالد، فعلمنا أنه أخطأ فيه" وضعف الحديث الهيثمي أيضًا فقال في "المجمع" (١/ ١٩٣): "رواه الطبراني في "الصغير" وفيه بقية ومجالد بن سعيد وكلاهما ضعيف "مع أنه جَوَّد إسناده في (٧/ ٢٥) فأبعد!! والحديث ذكره المصنف في "البداية والنهاية" (٩/ ٣٢/ ترجمة شريح ابن الحارث) وقال: "حديث ضعيف غريب رواه محمد بن مصفى، عن بقية، عن شعبة - أو غيره - عن مجالد، عن الشعبى، وإنما تفرد بقية بن الوليد من هذا الوجه وفيه علة أيضًا" وزاد نسبته السيوطي فى "الدر المنثور" إلى الحكيم الترمذي وأبى الشيخ وأبي نصر السجزي في "اللإبانة".
(٣٨٦) - صحيح، يأتي تخريجه [سورة يونس/ آية ٧٢].