للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، كقوله: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾، وقوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾، وقوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣)﴾.

وليس يلزم من كونه أمر باتباع ملة إبراهيم [] [١] الحنيفية: أن يكون إبراهيم أكمل منه فيها؛ لأنه قام لها قيامًا عظيمًا، وأكملت له إكمالا تامًا، لم يسبقه أحد إلى هذا الكمال، ولهذا كان [٢] خاتم الأنبياء، وسيد ولد آدم على الإطلاق، وصاحب المقام المحمود الذي يرغب إليه الخلق حتى [إبراهيم] [٣] الخليل .

وقد قال ابن مردويه (٤٠٠): حدثنا محمد بن عبد الله بن حفص، حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا شعبة، أنبأنا سلمة بن كهيل، سمعت ذر بن عبد الله الهمداني يحدث، عن ابن أبزى، عن أبيه، قال: كان رسول الله إذا أصبح قال: "أصبحنا على ملة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد، وملة أبينا [٤] إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين".


(٤٠٠) - صحيح، وعزاه لابن مردويه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ١٢٣)، وأخرجه أحمد (٣/ ٤٠٦، ٤٠٧)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (رقم ٣) من طريق شعبة به، وجاء تسمية ابن أبزى فى الوضع الثاني عند أحمد، وهو "سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى"، قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين وذكره الهيثمي فى "المجمع" (١٠/ ١١٩) وقال: "رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح"، وقد رواه سفيان عن سلمة بن كهيل به غير أنه قال: "عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه" أخرجه أحمد (٣/ ٤٠٧)، والدارمى (٢٦٩١)، والنسائى (١/ ٣٤٣، ٣٤٤)، وابن أبى شيبة فى "المصنف" (٦/ ٢٤٣)، والطبرانى فى "الدعاء" (٢/ رقم ٢٩٤)، قال الحافظ ابن حجر فى "نتائج الأفكار" (ص ١٧٦): "رجاله محتج بهم فى الصحيح، إلا عبد الله ابن عبد الرحمن وهو حسن الحديث" وقال أيضًا: "حديث حسن" وسعيد وعبد الله أخوان، قال الأثرم: قلت لأحمد: أيهما أحب اليك؟ قال: "كلاهما عندي حسن الحديث" قلت: وسعيد أوثق من عبد الله فقد روى له الجماعة ووثقه النسائى، وابن حبان، وابن شاهين، والذهبي، وابن حجر، وأما عبد الله فلم يوثقه غير ابن حبان، وحَسَّنَ حديثه أحمد، وقال عنه في "التقريب": مقبول.