للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذرية.

وقال الربيع بن أنس والسدي وقتادة والضحاك في هذه الآية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ أي: خلقنا آدم ثم صورنا الذرية.

وهذا فيه نظر؛ لأنه قال بعده: ﴿ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ فدل على أن المراد بذلك آدم، وإنما قيل ذلك بالجمع؛ لأنه أبو البشر؛ كما قال الله تعالى لبني إسرائيل الذين كانوا فى زمن النبي : ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ [١] الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ [٢] الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾، والمراد آباؤهم الذين كانوا في زمن [٣] موسى، ولكن لما كان ذلك منة على الآباء الذين هم أصل صار [] [٤] كأنه واقع على الأبناء، وهذا بخلاف قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ [الآية، فإن المراد منه آدم المخلوق من السلالة] [٥]، وذريته مخلوقون من نطفة، وصح هذا؛ لأن المراد من [٦] خلقنا الإِنسان الجنس لا معينًا، والله أعلم.

﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)

قال بعض النحاة في توجيه قوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ لا هنا [٧] زائدة.

وقال بعضهم: زيدت لتأكيد الجحد، كقول الشاعر:

*ما إن رأيت ولا سمعت بمثله*

فأدخل "إنْ" وهي للنفي على "ما" النافية لتأكيد النفي. قالوا: [وكذا هنا] [٨]: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ مع تقدم قوله: ﴿لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾.

حكاهما ابن جرير [٩]، وردهما واختار: أن منعك تضمَّن [١٠] معنى فعل آخر تقديره: ما أحوجك وألزمك واضطرك أن لا تسجد إذ أمرتك، ونحو هذا [١١].

وهذا القول قوي حسن، والله أعلم.


[١]- فى ز "عليهم".
[٢]- فى ز "عليهم".
[٣]- فى ز "زمان".
[٤]- ما بين المعكوفتين في ز "به".
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٦]- فى ز "و".
[٧]- فى ز "هاهنا".
[٨]- فى ز "وكذلك هاهنا".
[٩]- في تفسيره (١٢/ ٣٢٥، ٣٢٦).
[١٠]- فى ز "يضمن".
[١١]- فى ز "ذلك".