جهاتها ومصارفها": أما الأنفال فهى المغانم، وكل نيل ناله المسلمون من أموال أهل الحرب، فكانت الأنفال الأولى [لرسول الله][١]ﷺ، يقول الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، فقسمها يوم بدر على ما أراه الله من غير أن يخمسها على ما ذكرناه في حديث سعد، ثم نزلت بعد ذلك آية الخمس، فنسخت الأولى.
قلت: هكذا روى على بن أبي طلحة، عن ابن عباس سواء، وبه قال مجاهد وعكرمة والسدي.
وقال ابن زيد: ليست منسوخة بل هي محكمة.
قال أبو عبيد: وفي ذلك آثار … والأنفال أصلها جماع الغنائم، إلا أن الخمس منها مخصوص لأهله، على ما نزل به الكتاب وجرت به السنة، ومعنى الأنفال في كلام العرب: كل إحسان فعله فاعل تفضلًا من غير أن يجب ذلك عليه، فذلك النفل الذي أحله الله للمؤمنين من أموال عدوهم، وإنما [هو شيء][٢] خصهم الله [٣] به تطولًا منه عليهم، بعد أن كانت المغانم محرمة على الأم قبلهم، فنفلها الله تعالى هذه الأمة. فهذا أصل النفل.
قلت: شاهد هذا فى الصحيحين عن جابر ﵁ أن رسول الله، ﷺ، قال: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي" فذكر الحديث إلى أن قال: "وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي" وذكر تمام الحديث (٢٤)
ثم قال أبو عبيد: ولهذا سُمي ما جعل الإِمام للمقاتلة نفلًا، وهو تفضيله بعض الجيش على بعض بشيء سوى سهامهم، يفعل ذلك بهم على قدر الغناء عن الإِسلام والنكاية في العدو، وفي النفل الذي ينفله الإِمام سنن أربع، لكل واحدة منهن موضع غير موضع الأخرى:
(فإحداهن): في النفل لا خمس فيه، وذلك السلب.
(والثانية): في [٤] النفل الذي يكون من الغنيمة بعد إخراج الخمس، وهو أن يوجه الإِمام السرايا في أرض الحرب، فتأتي بالغنائم، فيكون للسرية مما جاءت به الربع أو الثلث [بعد
(٢٤) - تقدم تخريج هذا الحديث عند تفسير الآية: ٤٣ من سورة النساء.