للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثلة رده على هذه التفاسير ذات النزعة الخاصة ما قاله في تفسير قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ سورة البقرة الآية (٧) تفنيدًا لرأي الزمخشري.

وأما أكثر التفاسير دورانًا في تفسير ابن كثير فخمسة: تفسير ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وعبد الرزاق الصنعاني، وأبي بكر بن مردويه، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وأخص هذه الخمسة تفسير ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم، فقد كاد يذكرهما في كل صفحة من صفحات التفسير.

ولعل السبب في هذا ما سبق أن قررناه من أن هذه الكتب تحوي بين دفتيها عددًا هائلًا من الأحاديث والروايات والأخبار الواردة عن السلف الصالح، وهذا يلائم منهج التفسير بالمأثور الذي آثره ابن كثير لنفسه.

وهناك من المصادر التفسيرية ما لم يذكر إلا مرة أو مرتين، كتفسير الثعلبي صاحب "العرائس" والمعروف بسرد الأخبار والروايات الإسرائيلية والقصص الخرافية، ذكر ابن كثير رواية له عن ابن عباس وعائشة تتحدث عن سحر النبي على يد لبيد بن الأعصم الذي حصل على مشاطة النبي وعدة من أسنان مشطه، فسحره بها، فمرض رسول الله ، وانتشر شعر رأسه، ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن … إلخ.

علق ابن كثير على هذه الرواية فقال: "هكذا أورده بلا إسناد، وفيه غرابة وفيه بعض نكارة، ولبعضه شواهد مما تقدم والله أعلم".

وأما مدى صحة النقول التي كان ينقلها عن المصادر، فإننا قد قمنا ببعض المقارنات بين النقل وأصله في تفسيري ابن جرير والبغوي، وتبين أن النقول - أكثرها صحيح، وأن بها بعض الزيادات التي لا تتجاوز بعض الكلمات القليلة مثل "" أو "﷿"، وكذلك تجد بعض الكلمات الناقصة، ولكنها قليلة.

مثال ذلك نقله عن ابن جرير في تفسير أول سورة الشورى.

وعلى أية حال فإن هذه الزيادة أو النقصان لا تؤثر في المعنى كثيرًا، وقد تكون هناك بعض النقول التي تجد فيها زيادة أو نقصًا عن الأصل أكثر مما رأينا مما يرجع إلى تعدد النسخ واختلافها، أو سهو بعض النساخ وغير ذلك.

ويلخص ابن كثير - أحيانًا - ما ينقله عن غيره، وهو في هذا يبلغ القمة في الأمانة حين يحافظ على النصوص وما تتضمنه من أفكار، بحيث لا تجد في تلخيصه

<<  <  ج: ص:  >  >>