للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٢٤)

أمر تعالى بمباينة الكفار به وإن كانوا آباء أو أبناء، ونهى عن موالاتهم إن [١] استحبوا أي: اختاروا الكفر على الإيمان، وتوعد على ذلك، كقوله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ الآية.

وروى الحافظ البيهقي (٥١) من حديث عبد الله بن شوذب قال: جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينعت له الآلهة يوم، بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر الجراح قصده ابنه أبو عبيدة فقتله، فأنزل الله فيه هذه الآية ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ الآية.

ثم أمر تعالى رسوله أن يتوعد من آثر [٢] أهله وقرابته [٣] وعشيرته على الله [٤] رسوله

وجهاد في سبيله فقال: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾ أي: اكتسبتموها وحصلتموها ﴿وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا [٥]﴾ أي: تحبوتها لطيبها وحسنها، أي إن كانت هذه الأشياء ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا﴾ أي: فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم، ولهذا قال: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

وقال الإِمام أحمد (٥٢): حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن زهرة بن معبد، عن جده قال: كنا مع رسول الله وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال: والله يا رسول الله؛ لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي. فقال رسول الله : "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه". فقال عمر: فأنت الآن والله أحب الي من نفسي. فقال رسول الله: "الآن يا عمر".


(٥١) - رواه الحاكم (٣/ ٢٩٦) من طريق الربيع بن سليمان، عن أحد بن موسى، عن ضمرة بن ربيعة، عن عبد الله بن شوذب، ومن طريق الحاكم رواه البيهقي في الكبرى (٩/ ٢٧) وقال البيهقي: "هذا منقطع".
(٥٢) - المسند (٤/ ٣٣٦) رقم (١٩٠١٤).