للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم زهد في الدنيا، ورغب فى الآخرة فقال: ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ كما قال الإِمام أحمد (١٠٥): حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد قالا: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول اللَّه، : "ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجح؟ " وأشار بالسبابة. انفرد بإخراجه مسلم.

وقال ابن أبي حاتم (١٠٦): حدثنا بشر بن مسلم بن عبد الحميد الحمصي بحمص، حدثنا الربيع بن روح، حدثنا محمد بن خالد الوهبي، حدثنا زياد - يعنى الجصاصَ - عن أبي عثمان قال: قلت: يا أبا هريرة سمعت من [١] إخواني بالبصرة أنك تقول: سمعت نبي الله، ، يقول: "إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة". قال أبو هريرة: بل سمعت رسول الله ، يقول [٢]: "إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة". ثم تلا هذه الآية: ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾.

[فالدنيا: ما مضى منها، وما بقي منها - عند الله قليل.

وقال الثوري، عن الأعمش في الآية ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [٣]﴾ قال: كزاد الراكب.

وقال عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه: [قال:] [٤] لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاةُ، قال: ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه، فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال: أما لي من كبير ما أخلف من الدنيا إلا هذا؟ ثم ولى ظهره فبكى وهو يقول: أف [٥] لك من دار، إن كان كثيرك لقليل، وإن كان قليلك لقصير، وإن كنا منك لفي غرور.

ثم توعد تعالى على ترك الجهاد فقال: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ قال ابن عباس: استنفر رسول الله، ، حيًّا من العرب فتثاقلوا عنه، فأمسك اللَّه عنهم القطر فكان عذابهم.

﴿وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ أي: لنصرة نبيه وإقامة دينه، كما قال تعالى: ﴿وإن


(١٠٥) - المسند (٤/ ٢٢٨) وصحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها برقم (٢٨٥٨).
(١٠٦) - تفسير ابن أبي حاتم (٦/ ١٠٠٣).