للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.

﴿وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا﴾ أي: ولا تضروا الله شيئا بتوليكم عن الجهاد، ونُكُولِكُم وتثاقلكم عنه ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي: قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم.

وقد قيل: إن هذه الآية وقوله: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ وقوله: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾: إنهن منسوخات بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ روي هذا عن ابن عباس وعكرمة والحسن وزيد بن أسلم، ورده ابن جرير وقال: إنما هذا فيمن دعاهم رسول الله، ، إلى الجهاد، فتعين عليهم ذلك، فلو تركوه لعوقبوا عليه، وهذا له اتجاه، والله أعلم بالصواب [١].

﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠)

يقول تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ﴾ أي: تنصروا رسوله، فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه كما تولى نصره ﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ﴾ أي: عام الهجرة لما هَمَّ المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه، فخرج منهم هاربًا صحبة صَدِيقِهِ وَصِدِّيقِهِ [٢] وصاحبه أبي بكر بن أبى قحافة، فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام، ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم، ثم يسيرا [٣] نحو المدينة، فجعل أبو بكر، ، يجزع أن يطلع عليهم أحد، فيخلص إلى الرسول، ، منهم أذى، فجعل النبي، ، يسكنه ويثبته ويقول: "يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ". كما قال الإِمام أحمد (١٠٧):


(١٠٧) - المسند (١/ ٤)، وصحيح البخاري، كتاب المناقب، باب: مناقب المهاجرين وفضلهم رقم (٣٦٥٣)، وصحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رقم (٢٣٨١).