حدثنا عفان، حدثنا همام، أنبأنا ثابت، عن أنس: أن أبا بكر حدثه قال: قلت للنبي، ﷺ، ونحن في الغار: لو أن أحدهم نظر الي قدميه لأبصرنا تحت قدميه. قال: فقال: "يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ". أخرجاه في الصحيحين.
ولهذا قال تعالى: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ أي: تأييده ونصره عليه، أي: على الرسول، ﷺ، في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر، وروي عن ابن عباس وغيره قالوا؛ لأن الرسول، ﷺ، لم تزل معه سكينة. وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال؛ ولهذا قال: ﴿وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾ أي: الملائكة ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾.
قال ابن عباس: يعني بكلمة الذين كفروا الشرك، وكلمة الله هي لا إله إلا الله.
وفي الصحيحين (١٠٨) عن أبي موسى الأشعري، ﵁، قال: سئل رسول اللَّه، ﷺ، عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾ أي: فى انتقامه وانتصاره، منيع الجناب لا يضام من لاذ ببابه، واحتمى بالتمسك بخطابه ﴿حَكِيمٌ﴾ في أقواله وأفعاله.
قال سفيان الثوري عن أبيه، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح: هذه الآية ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ أول ما نزل من سورة براءة.
وقال معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرمي أنه ذكر له أن ناسًا كانوا عسى أن يكون أحدهم عليلًا أو [١] كبيرًا، فيقول: إني لا آثم.
فأنزل الله ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾. الآية.
أمر الله تعالى بالنفير العام مع [الرسول﴾ ﷺ، عام غزوة تبوك، لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب، وحتم على المؤمنين في الخروج معه على كل حال، في المنشط
(١٠٨) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير رقم (٢٨١٠) وصحيح مسلم، كتاب الإمارة رقم (١٩٠٤).