للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن بن أبي الحسن البصري أيضًا: فى العسر واليسر. وهذا كله من مقتضيات العموم [في الآية] [١]، وهذا اختيار ابن جرير.

وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي: إذا كان النفير إلى دروب الروم نفر الناس إليها خفافًا وركبانا، وإذا كان النفير إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافًا وثقالًا و [٢] ركبانًا ومشاة. وهذا تفصيل في المسألة.

وقد روي عن ابن عباس، ومحمد بن كعب، وعطاء الخراسانى وغيرهم: أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ وسيأتي الكلام على ذلك، إن شاء الله.

وقال السدي: قوله: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ يقول: غنيًّا وفقيرًا، وقويًّا وضعيفًا، فجاءه رجل يومئذ - زعموا [٣] أنه المقداد - وكان عظيمًا سمينًا، فشكى إليه وسأله أن يأذن له، فأبى فنزلت يومئذ: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ فلما نزلت هذه الآية اشتد على الناس شأنها، فنسخها الله فقال: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.

وقال ابن جرير (١٠٩): حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب، عن محمد قال: شهد أبو أيوب مع رسول الله ، بدرًا، ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا [وهوٍ في آخرين إلا] عامًا واحدًا، قال: وكان أبو أيوب يقول: قال الله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ فلا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلًا.

وقال ابن جرير (١١٠): حدثني سعيد بن عمرو السكوني [٤]، حدثنا بقية، حدثنا حريز، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة، حدثني أبو راشد الحبراني [٥] قال: وافيت المقداد بن الأسود فارس رسول الله، ، جالسًا على تابوت من توابيت الصيارفة بحمص - وقد فضل عنها من عِظَمِهِ - يريد الغزو، فقلت له: قد أعذر الله إليك. فقال: أتت علينا سورة البحوث (*) [٦] ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾.


(١٠٩) - تفسير الطبري (١٤/ ٢٦٧) رقم (١٦٧٥٤).
(١١٠) - تفسير الطبري (١٤/ ٢٦٨) رقم (١٦٧٥٦).
(*) يعني سورة التوبة؛ سميت بها لما تضمنت من البحث عن أسرار المنافقين، وهو إثارتها والتفتيش عنها. النهاية [١/ ٩٩].