للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل أهله، فأخذ سعفًا من النخل، فأشعل فيه نارًا، ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله، فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه، ونزل فيهم من القرآن ما نزل: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا﴾ إلى آخر القصة، وكان الذين بنوه اثني عشر رجلًا: خِذَام [١] بن خالد، من بني عبيد [٢] بن زيد أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب من بني عبيد، وهو إلى بني أمية [بن زيد، ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة ابن الأزعر من بني ضُبَيْعة بن زيد، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر، وابناه. مجمع بن جارية، وزيد بن جارية ونبتل [بن] [٣] الحارث وهم من بني ضبيعة، وبحزج وهو من بني ضبيعة، وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية] [٤] رهط أبي لبابة بن عبد المنذر (٢٣٥).

وقوله: ﴿وَلَيَحْلِفُنَّ﴾ أي: الذين بنوه ﴿إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى﴾ أي: ما أردنا ببنيانه إلا خيرًا ورفقًا بالناس، قال اللَّه تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ أي: فيما قصدوا وفيما نووا، وإنما بنوه ضرارًا لمسجد قباء، وكفرًا باللَّه، وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لمن حارب اللَّه ورسوله [من قبل] [٥]، وهو: أبو عامر الفاسق الذي يقال له الراهب لعنه اللَّه.

وقوله: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ نهْي [من الله لرسوله] [٦]، ، والأمّة تبع له في ذلك، عن أن يقوم فيه، أي: يصلي فيه أبدًا.

ثم حثه على الصلاة بمسجد قباء: الذي أسس من أول يوم بنائه على التقوى، وهي طاعة اللَّه وطاعة رسوله، وجمعًا لكلمة المؤمنين، ومعقلاً وموئلًا للإسلام وأهله؛ ولهذا قال تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح، أن رسول اللَّه، ، [قال: "صلاة في مسجد قباء كعمرة" (٢٣٦).


(٢٣٥) - السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٥٣٠) ورواه الطبري في تفسيره (١٤/ ٤٦٨).
(٢٣٦) - رواه الترمذي في السنن برقم (٣٢٤)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها رقم (١٤١١) =