للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعاتب المتخلفين عن رسول الله، ، في غزوة تبوك، من أهل المدينة، ومن حولها من أحياء العرب، ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته فيما حصل له [١] من المشقة، فإنهم نقصوا أنفسهم من الأجر؛ لأنهم ﴿لا يصيبهم ظمأ﴾ وهو العطش ﴿ولا نصب﴾ وهو التعب ﴿ولا مخمصة﴾ وهي المجاعة ﴿ولا يطئون موطئًا يغيظ الكفار﴾ أي: ينزلون منزلًا يرهب عدوهم ﴿ولا ينالون﴾ منه ظفرًا وغلبة عليه إلا كتب الله لهم بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرهم، وإنما هي ناشئة عن أفعالهم - أعمالاً صالحة وثوابًا جزيلاً ﴿إن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ كقوله: ﴿إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً﴾.

﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١)

يقول تعالى: ﴿ولا ينفقون [٢]﴾ هؤلاء الغزاة في سبيل الله ﴿نفقة صغيرة ولا كبيرة﴾ أي: قليلًا ولا كثيرًا ﴿ولا يقطعون واديًا﴾ أي: في السير إلى الأعداء ﴿إلا كتب لهم﴾ ولم يقل هاهنا به؛ لأن هذه أفعال صادرة عنهم، ولهذا قال: ﴿ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون﴾.

وقد حصل لأمير المؤمنين عثمان بن عفان من هذه الآية الكريمة حظ وافر ونصيب عظيم، وذلك أنه أنفق في هذه الغزوة النفقات الجليلة والأموال الجزيلة، كما قال عبد الله بن الإِمام أحمد (٢٨٣):

حدثنا أبو موسى العَنَزِي [٣]، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني سكن [٤] بن المغيرة، حدثني الوليد بن أبي هشام [٥]، عن فرقد أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن


(٢٨٣) - زوائد المسند (٤/ ٧٥) (١٦٧٤٦) وإسناده ضعيف - لجهالة فرقد أبو طلحة. وأبو موسى العنزي: هو محمد ابن المثنى، ثقة ثبت، روى له الجماعة. وسكن بن المغيرة: صدوق، روى له الترمذي. والوليد بن أبي هشام: قال أحمد: ثقة الحديث جداً، ووثقه أبو داود، وأبو حاتم. روى له مسلم وغيره. وفرقد أبو طلحة: مجهول. والحديث رواه الترمذي حديث ٣٧٠١. وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه. وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي ٧٦٤/ ٣٩٦٦.