للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْمُجْرِمُونَ (١٧)﴾.

يقول تعالى: لا أحد أظلم لي لا أعتى ولا أشد إجرامًا ﴿مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ وتقول [١] على الله، وزعم أن الله أرسله ولم يكن كذلك، فليس أحد أكبر جرمًا ولا أعظم ظلمًا من هذا، ومثل هذا لا يخفى أمره على الأغبياء، فكيف يشتبه حال هذا بالأنبياء؟ فإن من قال هذه المقالة صادقًا أو كاذبًا، فلابد أن الله ينصب عليه من الأدلة على بره أو فجوره ما هو أظهر من الشمس، فإن الفرق بين محمد وبين مسيلمة الكذاب لمن شاهدهما أظهر من الفرق بين وقت الضحى وبين وقت نصف الليل في حندس الظلماء، فمن سيما كل منهما وأفعاله وكلامه يستدل من له بصيرة على صدق محمد وكذب مسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي.

قال عبد الله بن سلام (١٦): لما قدم رسول الله المدينة: انجفل (*) الناس فكنت فيمن انجفل، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه رجل كذاب. قال [٢]: فكان أول ما سمعته يقول: "يا [٣] أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، [وصلوا الأرحام] [٤]، وصلّوا بالليل والناس نيامٌ، تدخلوا الجنة بسلام".

ولما قدم [٥] ضمام بن ثعلبة على رسول الله في [٦] قومه بني سعد بن بكر، قال لرسول الله فيما قال له: من رفع هذه السماء؟ قال: "الله". قال: ومن نصب هذه الجبال؟ قال: "الله". قال: ومن سطح هذه الأرض؟ قال: "الله" قال: فبالذي رفع هذه السماء، ونصب هذه الجبال، وسطح هذه الأرض، آلله أرسلك إلى الناس


= عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب به، وحكم عليه بالشذوذ الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٦/ ٥٧٠)، وقال النووى في "شرح صحيح مسلم" (١٥/ ١٤٦): " ..... وهذا الذي ذكرناه أنه بعث على رأس أربعين سنة هو الصواب المشهور الذى أطبق عليه العلماء، وحكى القاضي عياض عن ابن عباس وسعيد ابن المسيب رواية شاذة أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة، والصواب أربعون … ".
(١٦) - صحيح، أخرجه الترمذي، كتاب: صفة القيامة، باب: "أفشوا السلام … " (٢٤٨٧)، وابن ماجة، كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في قيام الليل (١٣٣٤)، وك: الأطعمة، باب: إطعام الطعام (٣٢٥١)، وأحمد (٢٣٨٩٧) (٥/ ٤٥١) وقال الترمذى: "حديث صحيح"، وصححه الحاكم (٣/ ١٣) (٤/ ١٦٠) ووافقه الذهبي وهو كما قالوا.
(*) - انجفل القوم: انقلعوا فمضوا.