للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩)

ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره، ظانين أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند الله، فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئًا، ولا يقع شيء مما يزعمون فيها ولا يكون هذا أبدًا، ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾.

وقال ابن جرير: معناه [١] أتخبرون الله بما لا يكون في السموات ولا في الأرض؟

ثم نزه نفسه [] [٢] عن شركهم وكفرهم فقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.

ثم أخبر تعالى أن هذا الشرك حادث في الناس، كائن بعد أن لم يكن، وأن الناس كلهم كانوا على دين واحد وهو الإسلام، قال ابن عباس (٢٠): كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإِسلام، ثم وقع الاختلاف بين الناس، وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان، فبعث الله الرسل بآياته وبيناته، وحججه البالغة وبراهينه الدامغة ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾.

وقوله: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾، أي: لولا ما تقدم من الله تعالى أنه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه، وأنه قد أجل الخلق إلى


(*) في تفسيره (١١/ ٩٨).
(٢٠) - ذكره الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٣٢١ - ٣٢٢) بلفظ "كان بين آدم ونوح .... كلهم على شريعة من الحق … "، وقال: "رواه البزار وفيه عبد الصمد بن النعمان وثقه ابن معين وقال غيره: ليس بالقوى"، وأخرجه الحاكم (٢/ ٤٤٢) من طريق آخر، وقال: "حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، ويذكره المصنف أيضًا برقم (٨٤)، وباللفظ الذي أورده المصنف، أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (١/ ٤٤) بإسناد حسن عن عكرمة من قوله، وقد صح مرفوعًا من حديث أبي أمامة أن النبي سُئل: كم كان بين آدم ونوح؟ فقال: "عشرة قرون" أخرجه الطبراني في "الكبير" (٨/ ٧٥٤٥)، وفي "الأوسط" (١/ ٤٠٣)، وصححه ابن حبان (١٤/ ٦١٩٠)، والحاكم (٢/ ٢٦٢) على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وذكره المصنف في "البداية والنهاية" (١/ ٩٤) وقال: هذا على شرط مسلم ولم يخرجه.