للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد روي من حديث أبي هريرة أيضًا فقال ابن جرير (٩٥):

حدثنا ابن حميد، حدثنا حكام، عن عنبسة - هو ابن [١] سعيد - في كثير بن زاذان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "قال لي جبريل: يا محمد، لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركَه رحمةُ الله فيغفر له". يعني: فرعون.

كثير بن زاذان هذا قال ابن معين: لا أعرفه. وقال أبو زرعة وأبو حاتم: مجهول. وباقي رجاله ثقات.

وقد أرسل [٢] هذا الحديث جماعة من السلف؛ قتادة وإبراهيم التيمي وميمون بن مهران، ونقل عن الضحاك بن قيس أنه [٣] خطب بهذا للناس، فالله أعلم.

وقوله: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ قال ابن عباس وغيره من السلف: إن بعض بني إسرائيل شكَّوا في موت فرعون، فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده سويًّا [٤] بلا روح، وعليه درعه المعروفة [على نجوة] [٥] من الأرض وهو المكان المرتفع، ليتحققوا موته وهلاكه، ولهذا قال تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ﴾ أي: نرفعك على نشز من الأرض ﴿بِبَدَنِكَ﴾ قال مجاهد: بجسدك. وقال الحسن: بجسم لا روح فيه، وقال عبد الله بن شداد: سويًّا صحيحًا؛ أي: لم يتمزق ليتحققوه ويعرفوه، وقال أبو صخر: بدرعك.

وكل هذه الأقوال لا منافاة بينها [٦] كما تقدم، والله أعلم.


(٩٥) - إسناده فيه جهالة لجهالة كثير بن زاذان، والحديث في تفسير ابن جرير (١١/ ١٦٣)، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٢/ ٧٨٨ - ٧٨٩)، والسهمي في "تارج جرجان" (ص ٢٠٦)، والبيهقي في "الشعب" (٩٣٩٠/ ٧) من طريق حكام بن سَلْم به، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (٦/ ٥٨٢٣) من طريق قيس بن الربيع عن سعيد بن مسروق عن أبي حازم به نحوه، لكن قيس بن الربيع هذا "صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به" فأخشى أن يكون هذا الحديث مما أدخله عليه أبنه والله أعلم، ومن طريق الطبراني ذكره الهيثمي فى "المجمع" (٣٩١٧) وقال: " … فيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري وضعفه جماعة".