للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ أي: لتكون لبني إسرائيل دليلًا على موتك وهلاكك، وأن الله هو القادر الذي ناصية كل دابة بيده، وأنه لا يقوم لغضبه شيء، ولهذا قرأ [بعض السلف] [١] ﴿لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ (*) آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ أي: لا يتعظون بها [٢] ولا يعتبرون بها، وقد كان [إهلاك فرعون] [٣] يوم عاشوراء، كما قال البخاري (٩٦):

حدثنا محمَّد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قدم النبي المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء، [فقال: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ "] [٤] فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون. فقال النبي لأصحابه: "أنتم أحق بموسى منهم فصوموه [٥] ".

﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾

يخبر تعالى عما أنعم به على بني إسرائيل من النعم الدينية والدنيوية، [وقوله: مبوأ] [٦] صدق قيل: هو بلاد مصر والشام مما يلي بيت المقدس ونواحيه، فإن الله تعالى لما أهلك فرعون وجنوده استقرت يد الدولة الموسوية على بلاد مصر بكمالها، كما قال تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾. وقال في الآية الأخرى: ﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ [٧]


(*) ذكر هذه القراءة أبو حيان في البحر المحيط (٥/ ١٨٩ - ١٩٠)
(٩٦) - صحيح البخاري كتاب: التفسير، باب: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ﴾ (٤٦٨٠)، ومسلم، كتاب: الصيام، باب: قوم يوم عاشوراء (١٢٧) (١١٣٠)، وأبو داود، كتاب: الصوم، باب: في قوم يوم عاشوراء (٢٤٤٤)، والنسائي في "الكبرى" كتاب: الصيام، باب: صيام يوم عاشوراء (٢/ ٢٨٣٤)، وك: التفسير باب: قوله تعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ﴾ (٦/ ١١٢٣٧)، وأحمد (١/ ٣٤٠)، من طريق أبي بشر به.