يقول لهم: ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ يا قوم ﴿إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ أي: على بصيرة فيما أدعو إليه ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ قيل: أراد النبوة، وقيل: أراد الرزق الحلال، ويحتمل الأمرين.
[وقال الثوري][١]: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ أي: لا أنهاكم عن شيء [٢] وأخالف أنا في السر فأفعله خفية عنكم، كما قال قتادة في قوله: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ يقول: لم أكن لأنهاكم [٣] عن امر وأرتكبه [٤] ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ﴾ أي: فيما آمركم وأنهاكم، إنما مرادي [٥] إصلاحكم جهدي وطاقتي ﴿وَمَا تَوْفِيقِي﴾ أي: في إصابة الحق فيما أريده ﴿إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ في جميع أموري ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أي: أرجع؛ قاله مجاهد وغيره.
قال الإمام أحمد (٧٠): حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو قزعة سويد بن حُجَير الباهلي، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه أن أخاه مالكًا قال: يا معاوية، إن محمدًا أخذ جيراني، فانطلق إليه فإنه قد عرفك وكلمك. فانطلقت معه فقال: دع لي جيراني فقد [٦] كانوا أسلموا. فأعرض عنه، فقام متمعطًا [٧] فقال: أما والله لئن فعلت، إن الناس يزعمون أنك تأمر [٨] بالأمر وتخالف إلى غيره. وجعلت أجرّه وهو يتكلم، فقال رسول الله:"ما تقول؟ " فقال: إنك والله لئن فعلت ذلك [٩] إن الناس ليزعمون أنك لتأمر
(٧٠) - حسن، "المسند" (٢٠٠٦٨) (٤/ ٤٤٧) وإسناده رجاله ثقات إلا حكيم بن معاوية فلم يوثقه غير ابن حبان (٤/ ١٦١)، لكن للحديث طريق آخر - وهو الآتي.