للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الناس في أديانهم، واعتقادات مللهم [١] ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم.

وقال عكرمة: مختلفين في الهدى. وقال الحسن البصري: مختلفين في الرزق يُسَخِّر [٢] بعضهم بعضًا. والمشهور الصحيح الأول.

وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ أى: إلا المرحومين من أتباع الرسل، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين، أخبرتهم به رسل الله إليهم، ولم يزل ذلك دأبهم حتى كان النبي الأمِيّ خاتم الرسل والأنبياء، فاتبعوه وصدقوه ونصروه ووازروه، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة؛ لأنهم الفرقة الناجية، كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن من طرق يشد [٣] بعضها بعضًا (١١٧): " إن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن النصارى افترقوا [٤]، على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق [أمتي] [٥] على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة". قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي".

رواه الحاكم في مستدركه بهذه الزيادة.

وقال عطاء: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ يعنى اليهود والنصارى والمجوس ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ يعني الحنيفية.

وقال قتادة: أهل رحمة الله أهل الجماعة وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم، وأهل معصيته أهل فرقة وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم.

وقوله: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ قال الحسن البصري في رواية عنه: وللاختلاف خلقهم.

وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس (١١٨): خلقهم فريقين، كقوله: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾. وقيل: للرحمة خلقهم.

قال ابن وهب (١١٩): أخبرني مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن طاوس: أن


(١١٧) - حسن، تقدم [يونس/ آية ٩٣].
(١١٨) - أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٤٣)، وابن أبي حاتم (٦/ ١١٢٩٢).
(١١٩) - أخرجه ابن أبي حاتم (٦/ ١١٢٩٣)، ومسلم بن خالد هو الزَّنْجي، ففيه صدوق كثير الأوهام كما في "التقريب" - وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ٦٤٦) إلى أبي الشيخ.