يقول تعالى مخبرًا عن نبيه يعقوب أنه قال لبنيه في جواب ما سألوا من إرسال يوسف معهم إلى الرعي في الصحراء: ﴿إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ﴾ أي: يشق عليَّ مفارقته مدة ذهابكم به إلى أن يرجع، وذاسك لفرط محبته له، لما يتوسم فيه من الخير العظيم، وشمائل النبوة، والكمال في الخَلق والخُلق، صلوات اللَّه وسلامه عليه.
وقوله: ﴿وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾ يقول: وأخشى أن تشتغلوا عنه برميكم ورعيتكم، فيأتيه ذئب، فيأكله وأنتم لا تشعرون، فأخذوا من فمه هذه الكلمة وجعلوها عذرهم فيما فعلوه، وقالوا مجيبين له [٣] عنها في الساعة الراهنة ﴿لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾ يقولون: لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا ونحن جماعة، إنا إذًا لهالكون عاجزون.
يقول تعالى: فلما ذهبت به إخوته من عند أبيه بعد مراجعتهم له في ذلك ﴿وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ هذا فيه تعظيم لما فعلوه، أنهم اتفقوا كلهم على إلقائه فى
(٢٣) - إسناده ضعيف، أخرجه ابن جرير (١٢/ ١٥٨) من طريق عطية العوفي عنه به، وعطية ضعيف، وله إسناد آخر عنده لكنه منقطع، وزاد نسبته السيوطي في " الدر المنثور " (٤/ ١٣) إلى ابن أبى حاتم.