للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسفل ذلك الجب، وقد أخذوه من عند أبيه فيما يظهرونه له، إكرامًا له، وبسطًا، وشرحًا لصدره، وإدخالًا للسرور عليه، فيقال: إن يعقوب [١] لما بعثه معهم ضمه إليه وقبله ودعا له.

[وذكر السدي و] [٢] غيره: أنه [٣] لم يكن بين إكرامهم له، وبين إظهار الأذى له إلا أن غابوا عن عين أبيه وتواروا عنه، ثم شرعوا يؤذونه بالقول من شتم ونحوه، والفعل من ضرب ونحوه، ثم جاءوا به إلى ذلك الجب الذي اتفقوا على رميه فيه، فربطوه بحبل ودلوه فيه، فجعل [٤] إذا لجأ إلى واحد منهم لطمه وشتمه، وإذا تثبث بحافات البئر ضربوا على يديه، ثم قطعوا به الحبل من نصف المسافة، [فسقط في الماء] [٥] فغمره، فصعد إلى صخرة تكون في وسطه يقال لها: الراغوفة فقام فوقها.

وقوله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ يقول تعالى ذاكرًا لطفه ورحمته وعائدته، وإنزاله اليسر في حال العسر: إنه أوحى إلى يوسف فى ذلك الحال الضيق؛ تطيبًا لقلبه وتثبيتًا له: إنك لا تحزن مما أنت فيه، فإن لك من ذلك فرجًا ومخرجًا حسنًا، وسينصرك اللَّه عليهم ويعليك ويرفع درجتك، وستخبرهم بما فعلوا معك من هذا الصنيع.

وقوله ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ قال [مجاهد و] [٦] قتادة: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ بإيحاء اللَّه إليه.

وقال ابن عباس: ستنبئنهم [٧] بصنيعهم هذا في حقك، وهم لا يعرفونك، ولا يستشعرون بك. كما قال ابن جرير (٢٤): حدثني الحارث، ثنا عبد العزيز، ثنا صدقة بن عبادة الأسدي، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: لما دخل إخوة يوسف [على يوسف] [٨] فعرفهم وهم له منكرون، قال: جيء بالصوامع فوضعه على يده، ثم نقره فطن، فقال: إنه


(٢٤) - التفسير (١٢/ ١٦٢)، وأخرجه ابن أبى حاتم (٧/ ١١٧٢٩) من طريق يونس بن محمد، ثنا صدقة به، وصدفة وأبوه ذكرهما البخاري في "التاريخ الكبير" (٤/ ٢٩٧) (٦/ ٩٦) وابن أبى حاتم فى "الجرح والتعديل" (٤/ ٤٣٣) (٦/ ٩٦)، ولم يذكرا فيهما جرحًا ولا تعديلًا.