للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال السدي: وكان سبب حبس الملك إياهما أنه توهم أنهما تمالآ على سمه في طعامه وشرابه.

وكان يوسف، ، قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث وحسن السمت، وكثرة العبادة، صلوات الله عليه وسلامه، ومعرفة التعبير، والإِحسان إلى أهل السجن، وعيادة مرضاهم، والقيام بحقوقهم، ولما دخل هذان الفتيان إلى السجن تآلفا به، وأحباه حبًّا شديدًا، وقالا له (٦٧): والله، لقد أحببناك حبًّا زائدًا. فقال [١]: بارك الله فيكما، إنه ما أحبني أحد إلا دخل عليَّ من محبته ضرر؛ أحبتني عمتي، فدخل عليَّ الضرر بسببها؛ وأحبني أبي فأوذيت بسببه، وأحبتني امرأة العزيز فكذلك، فقالا: والله، ما نستطع إلا ذلك، ثم إنهما رأيا منامًا، فرأي الساقي أنه يعصر خمرًا، يعني: [] [٢] عنبًا، وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود: (إني أراني أعصر عنبًا) ورواه ابن أبي حاتم (٦٨): عن أحمد بن سنان، عن يزيد بن هارون، عن شريك، عن الأعمش، عن زيد ابن وهب، عن ابن مسعود: أنه قرأها: (أعصر عنبًا).

وقال الضحاك في قوله ﴿إني أراني أعصر خمرًا﴾ يعني: عنبًا؛ قال: وأهل عمان يسمون العنب خمرًا.

وقال عكرمة: [قال له: إني] [٣] رأيت - فيما يرى النائم - أني غرست حبلة من عنب، فنبتت فخرج فيها عناقيد فعصرتهنّ، ثم سقيتهن [٤] الملك. فقال: تمكث في السجن ثلاثة أيام ثم تخرج فتسقيه خمرًا.

وقال الآخر وهو الخباز: ﴿إي أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله﴾ الآية.


(٦٧) - أخرجه ابن أبي حاتم (٧/ ١١٥٩٨)، وابن جرير (١٦/ ١٩٢٧٢) بسندهما عن مجاهد موقوفًا.
(٦٨) - التفسير (٧/ ١١٥٩٩) وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١٢/ ٣٨٢). وشريك هو ابن عبد الله القاضي "صدوق يخطئ كثيرًا"، وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ٢٧٤ - ٢٧٥) وابن جرير (١٦/ ١٩٢٧٣) من طريق وكيع عن أبي سلمة الصائغ عن إبراهيم بن بشير الأنصاري عن محمد بن الحنفية قال: في قراءة ابن مسعود "إني أراني أعصر عنبًا". وأبو سلمة الصائغ ترجم له البخاري في "التاريخ" (٣/ ٢٩٨)، وابن أبي حاتم (٣/ ٤٨٥) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وإبراهيم بن بشير الأنصاري لم يوثقه غير ابن حبان (٦/ ٩)، والأثر زاد نسبته السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٣٤) إلى ابن المنذر، وابن الأنباري، وأبي الشيخ، وابن مردويه.