يخبر تعالى عن قيل المشركين ﴿لولا﴾ أي: هلا ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ كقولهم [١]: ﴿فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾ وقد تقدم الكلام على هذا غير مرة، وإن الله قادر على إجابة ما سألوا، وفي الحديث (٧٧): إن الله أوحى إلى رسوله لما سألوه أن يحول لهم الصفا ذهبًا، وأن يجري لهم ينبوعًا، وأن يزيح الجبال من حول مكة فيصير مكانها مروج وبساتين: إن شئت يا محمَّد أعطيتهم ذلك، فإن كفروا فإني أعذبهم عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة، فقال:"بل تفتح لهم باب التوبة والرحمة". ولهذا قال لرسوله: ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيهِ مَنْ أَنَابَ﴾ أي [٢]: هو المضل والهادي، سواء بعث الرسول بآية على وفق ما اقترحوا، أو لم يجبهم إلى سؤالهم، فإن الهداية والإضلال ليس منوطًا بذلك ولا عدمه، كما قال: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾، وقال: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيهِمْ كُلَّ شَيءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾، ولهذا قال: ﴿قُلْ [٣] إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيهِ مَنْ أَنَابَ﴾ أي: ويهدي إليه من أناب إلى الله، ورجع إليه [٤]، واستعان به وتضرع لديه.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي: تطيب وتركن إلى جانب الله، وتسكن عند ذكره، وترضى به مولى ونصيرًا، ولهذا قال: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ أي: هو حقيق بذلك.
وقوله [٥]: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ قال ابن أبي