للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَال طُولًا (٣٧) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)

يقول [١] تعالى ناهيًا عباده عن التجبر والتبختر في المشية: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ أي: متبخترا متمايلًا مشي الجبارين، ﴿إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ﴾ أي: لن [٢] تقطع الأرض بمشيتك، قاله ابن جرير، واستشهد عليه يقول رؤبة بن العجّاج:

*وقائم الأعماق خاوى [٣] المخترق*

وقوله: ﴿وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَال طُولًا﴾ أي: بتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك؛ بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده، كما ثبت في الصحيح (١٦٥): " بينا رجل يمشي فيمن كان قبلكم، وعليه بردان يتبختر فيهما- إذ خسف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة وكذلك أخبر الله تعالى عن قارون أنه خرج على قومه في زينته، وأن الله تعالى خسف به وبداره الأرض، وفي الحديث (١٦٦): " من تواضع لله رفعه الله، فهو في نفسه حقير وعند الناس كبير، ومن استكبر وضعه الله، فهو في نفسه كبير وعند الناس حقير [٤]، حتى لهو أبغض إليهم من الكلب و [٥] الخنزير".


= عكرمة عن ابن عباس فذكره مرفوعًا.
(١٦٥) - أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب اللباس، باب: من جر ثوبه من الخيلاء - (٥٧٨٩).
ومسلم في صحيحه -كتاب اللباس والزينة، باب: تحريم التبختر في المشي، مع إعجابه بثيابه (٤٩، ٥٠) (٢٠٨٨). من طرق عن أبي هريرة مرفوعًا.
(١٦٦) - أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٨٣٠٧) (٨/ ١٧٢). وأبو نعيم في الحلية - (٧/ ١٢٩).
والخطيب البغدادي في تاريخه (٢/ ١١٠). من طريق سعيد بن سلام العطار ثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول … فذكره. وقالوا جميعًا "غريب من حديث الثوري، تفرد به سعيد بن سلام". قلت: "وهو كذاب كما قال، ابن نمير وأحمد بن حنبل، وقال البخاري: يذكر بوضع الحدث وقال النسائي وغيره ضعيف [ميزان الاعتدال للذهبي (٣١٩٥) (٢/ ٣٣١). والحديث عزاه الهيثمي في المجمع - (٨/ ٨٥) إلى الطبراني في الأوسط وقال: في إسناده سعيد بن سلام العطار وهو كذاب. وحديث عمر له طريق آخر عند أبي يعلى (١/ ١٨٧) وأحمد (١/ ٤٤)، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة" (٥/ ٢٣٢٨) وفي الباب عن:=