للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب "الخمول والتواضع" (١٦٧): حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير، حدثنا حجاج بن محمد، عن أبي بكر الهذلي قال: بينما نحن مع الحسن، إذ مرّ عليه ابن الأهيم -يريد المنصور- وعليه جباب خز، قد نضد بعضها فوق بعض على ساقه، وانفرج عنها قباؤه، وهو يمشى ويتبختر، إذ نظر إليه الحسن نظرة فقال: أف أف، شامخ بأنفه، ثانٍ عطفه، مصعر خده، ينظر في عطفيه، أيّ حُمَيق [] [١] ينظر في عطفه في نعم غير مشكورة، ولا مذكورة، غير المأخوذ بأمر الله فيها، ولا المؤدي حق الله منها! والله إن [٢] يمشي أحدهم طبيعته يتلجلج [٣] تلجلج المجنون؛ في كل عضو منه نعمة، وللشيطان به لعنة، فسمعه ابن الأهيم فرجع يعتذر إليه، فقال: لا تعتذر [٤] إليّ وتب إلى ربك، أما سمعت قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾.

ورأى البخترى [٥] العابد رجلًا من آل علي يمشي وهو يخطر في مشيته، فقال له: يا هذا! أن الذي أكرمك به لم تكن هذه مشيته، قال: فتركها الرجل بعدُ .. ورأى ابن عمر (١٦٨) رجلًا يخطر في مشيته فقال: إن للشياطين إخوانا.

وقال خالد بن معدان: إياكم والخَطْر، فإن الرجل [] [٦] يده من سائر جسده رواهما ابن أبي الدنيا (١٦٩) وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا خلف بن هشام البزار، حدثنا حماد بن


=
١ - عياض بن حمار.
أخرجه مسلم في صحيحه - (٦٤) (٢٨٦٥) وأبو داود - (٤٨٩٥). وابن ماجه - (٤١٧٩) ولفظه "وإن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد".
٢ - حديث أبي هريرة.
أخرجه مسلم في صحيحه - (٦٩) - (٢٥٨٨) (١٦/ ٢١٣). من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا "ما نقصت صدقة من مال: وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله".
(١٦٧) - أخرجه ابن أبي الدنيا في "الخمول والتواضع" - (٢٣٧). وأبو بكر الهذلي قيل اسمه سلمى بن عبد الله وقيل روح أخباري متروك الحديث كما في "التقريب".
(١٦٨) - ذكره السيوطي في الدر المنثور - (٤/ ٣٣٠) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا.
(١٦٩) - أخرجه البيهقي في دلائل النبوة - (٦/ ٥٢٥). من طريق سفيان عن يحيى بن سعيد به.
قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، ويحنس هو ابن أبي موسى مولى مصعب بن الزبير وثقه=