للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتاخم لهم. وذكر في أخبار بني إسرائيل أنَّه عاش ألفًا وستمائة سنة، يجوب [١] الأرض طولها والعرض، حتَّى بلغ المشارق والمغارب.

ولما انتهى إلى مطلع الشَّمس من الأرض، كما قال الله تعالى: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ﴾ أي: أمة ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾، أي: ليس لهم بناء يكنهم، ولا [٢] أشجار تظلهم ولا تسترهم من حرِّ الشَّمس.

قال سعيد بن جبير: كانوا حمرًا قصارًا، مساكنهم الغيران، أكثر معيشتهم من السمك.

وقال أبو داود الطيالسي (١١٥): حدَّثنا سهل بن أبي الصلت، سمعت الحسن، وسئل عن قول الله تعالى: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾؟ قال: إن أرضهم لا تحمل البناء، فإذا طلعت الشَّمس تَغَوروا في المياه، فإذا غربت خرجوا يتراغون كما ترغى البهائم. قال الحسن: هذا حديث سمرة.

وقال قتادة: ذكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئًا، فهم إذا طلعت الشّمس في أسراب، حتَّى إذا زالت الشَّمس خرجوا إليَّ حروثهم ومعايشهم.

وعن سلمة بن كهيل أنَّه قال: ليس لهم أكنان، إذا طلعت الشَّمس طلعت عليهم، فلأحدهم أذنان [يفترش] [٣] إحداهما ويلبس الأخرى.

وقال عبد الرَّزاق (١١٦): أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾ [قال: هم الزنج.

وقال ابن جريج في قوله: ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا﴾] [٤]، قال: لم يبنوا فيها بناء قط، ولم يبن عليهم فيها بناء قط، كانوا إذا طلعت الشَّمس دخلوا أسرابًا [٥] لهم [٦] حتَّى تزول الشَّمس، أو دخلوا البحر، وذلك أن أرضهم


(١١٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٦/ ١٤) حدثني إبراهيم بن المستمر قال: ثنا سليمان بن داود أبو داود به. وأخرجه أبو الشَّيخ في العظمة (٩٧٠) - (٤/ ١٤٧١ - ١٤٧٢) من طريق نصر بن علي حدَّثنا مسلم بن قتيبة، حدَّثنا سهل السَّرَّاج له. وليس عنده قول الحسن "هذا حديث سمرة".
وأورده السيوطي في الدر المنثور - (٤/ ٤٤٨) وعزاه إلى البزار في أماليه وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١١٦) " التفسير" لعبد الرَّزاق (٢/ ٤١٢) ومن طريق ابن جرير في تفسيره (١٦/ ١٤) حدَّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرَّزاق به.