للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حكى النووي في شرح مسلم عن بعض النَّاس، أن يأجوج ومأجوج خلقوا من مني خرج من آدم، فاختلط بالتُّراب فخلقوا من ذلك، فعلى هذا يكونون مخلوقين من آدم، وليسوا من حواء، وهذا القول [١] غريب جدًّا لا دليل عليه؛ لا من عقل، ولا من [٢] نقل، ولا يجوز الاعتماد ها هنا على ما يحكيه بعض أهل الكتاب؛ لما [٣] عندهم من الأحاديث المفتعلة، والله أعلم.

وفي مسند الإمام أحمد (١١٨) عن سمرة، أن رسول الله قال: "ولد نوح ثلاثة: سام أبو العرب، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك". فقال بعض العلماء: هؤلاء من نسل يافث أبي [٤] الترك. قال: إنما سموا هؤلاء تركًا؛ لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة، وإلا فهم أقرباء أولئك، ولكن كان في أولئك بغي وفساد وجراءة.

وقد ذكر ابن جرير (١١٩) ها هنا عن وهب بن منبه أثرًا طويلًا عجيبًا في سير ذي القرنين، وبنائه السد، وكيفية ما جرى له، وفيه طول وغرابة، ونكارة في أشكالهم وصفاتهم، [وطولهم] [٥] وقصر بعضهم وآذانهم. وروى ابن أبي حاتم أحاديث غريبة في ذلك، لا تصح أسانيدها، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ لاستعجام كلامهم وبعدهم عن النَّاس.

﴿قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَينِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا﴾ قال ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس: أجرًا عظيمًا. يعني: أنهم [٦] أرادوا أن


(١١٨) أخرجه أحمد (٥/ ٩، ١٠)، والترمذي -كتاب تفسير القرآن، باب: "ومن سورة الصافات". (٣٢٣٠، ٣٢٣١) (٥/ ٣٤٠، ٣٤١). وكتاب المناقب، باب: مناقب في فضل العرب - (٣٩٣١) - (٥/ ٦٨١)، والطبراني في الكبير - (٧/ ٢٥٣ - ٢٥٤، ٢٥٤). والحاكم (٢/ ٥٤٦) وصححه ووافقه الذهبي، وابن عدي في الكامل - (٣/ ٩١٩). كلهم من حديث الحسن عن سمرة بألفاظ متقاربة. وذكره الهيثمي في المجمع (١/ ١٩٨) من حديث عمران بن حصين وسمرة بن جندب وقال: رواه الطّبرانيّ في الكبير ورجاله موثقون. والحديث أورده الشَّيخ الألباني في ضعيف الجامع الصَّغير (٣٢١٤).
(١١٩) تفسير ابن جرير (١٦/ ١٧: ٢١).