للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونزل [١] عند منازله لا يحور [٢] فيكم [٣] إلا كما يحور [٤] رأس الحمار الميت. قال: فبينما نحن كذلك، إذ طلع شداد بن أوس وعوف بن مالك فجلسا إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لَما سمعت رسول الله يقول: "من الشهوة الخفية والشرك". فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء: اللهم غفرًا! أولم يكن رسول الله قد [٥] حدثنا: "أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب"، وأما الشهوة [٦] الخفية فقد عرفناها، هي شهوات الدنيا؛ من نسائها، وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد أرأيتكم [٧] لو رأيتم رجلًا يصلي لرجل، أو يصوم لرجل، [أو يتصدق له أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نعم، والله إنه من صلى لرجل] [٨]، أو صام له [٩]، أو [١٠] تصدق له لقد [١١] أشرك. فقال شداد: فإني سمعت رسول الله يقول: "من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام [١٢]، يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك".

فقال [١٣] عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد الله إلى ما ابتغي به وجهه من ذلك العمل كله، فيقبل ما خلص له، ويدع ما أشرك به؟ فقال شداد عند ذلك: فإني سمعت رسول الله يقول: "إن الله يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئًا فإن حَشْده [١٤] عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك [١٥] به، و [١٦] أنا عنه غني".

(طريق أخرى [١٧] لبعضه) قال الإمام أحمد (١٤٥): حدثنا زيد بن الحباب، حدثني عبد


(١٤٥) أخرجه أحمد (٤/ ١٢٤). وأخرجه الطبراني في الكبير (٧١٤٤) (٧/ ٣٤١)، والحاكم (٤/ ٣٣٠). من طريق عبد الواحد في زيد أخبرنا عبادة بن نسى به. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ورده الذهبي بقوله: عبد الواحد متروك. والحديث ذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٤٦٠) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم والبيهقي.