للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما بدأني، وليس أول الحلق بأهون عليَّ [١]، من آخره، وأما أذاه إياي فقوله: إن لي ولدًا، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد".

وقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ﴾ أقسم الرب بنفسه الكريمة، أنه لا بد أن يحشرهم جميعًا، وشياطينهم [٢] الذين كانوا يعبدون من دون الله ﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾.

قال العوفي عن ابن عباس (٢٥٧): يعني قعودًا، كقوله: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾.

وقال السدي في قوله: ﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾ يعني: قيامًا، وروي عن مرة عن ابن مسعود مثله [٣]. وقوله: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ﴾ يعني من كل أمة. قاله مجاهد (٢٥٨). ﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾.

قال الثوري عن [علي بن الأقمر عن أبي الأحوص] [٤]، عن ابن مسعود (٢٥٩) قال: يحبس الأول على الآخر، حتى إذا تكاملت العدة [٥] أتاهم جميعًا، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرمًا، وهو قوله: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾.

وقال قتادة (٢٦٠): ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾ قال: ثم لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤساءهم [٦] في الشر. وكذا قال ابن جريج، وغير واحد من السلف. وهذا كقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَال لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقَالتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَينَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾.

وقوله: ﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا﴾ "ثم" هاهنا لعطف الخبر على


(٢٥٧) - أخرجه الطبري (١٦/ ١٠٧). وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٥٠٣) إلي ابن أبي حاتم.
(٢٥٨) - أخرجه الطبري (١٦/ ١٠٧)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٥٠٤) إلى أبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
(٢٥٩) - ذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٥٠٤) وعزاه إلى ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور.
(٢٦٠) - ذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٥٠٤) وعزاه إلى ابن أبي حاتم.