للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفر والبدع، فقال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾. أي: بلا عقل صحيح [١]، ولا نقل صحيح صريح، بل لمجرد [٢] الرأي والهوى.

وقوله: ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ﴾. قال ابن عباس وغيره: مستكبر عن الحق إذا دعي إليه.

وقال مجاهد، وقتادة، ومالك عن زيد بن أسلم: ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ﴾، أي: لاويَ عنقه، وهي رقبته. يعني: يعرض عما يدعى إليه من الحق، [ويثني] [٣] رقبته استكبارا، كقوله تعالى: ﴿وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَال سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾] [٤]. وقال [٥] لقمان لابنه: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ أي: تميله عنهم امتكبارًا عليهم.

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا [كَأَنَّ فِي أُذُنَيهِ وَقْرًا] [٦] فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ".

وقوله: ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾، قال بعضهم: هذه لام العاقبة؛ لأنه قد لا يقصد ذلك. ويحتمل أن تكون لام التعليل. ثم إما أن يكون المراد بها المعاندين [٧]، أو يكون المراد بها أن هذا [٨] الفاعل لهذا إنما جبلناه على هذا الخلق الذي يجعله ممن ضل عن سبيل الله.

ثم قال تعالى: ﴿لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾، وهو الإهانة والذل، كما أنه لما [٩] استكبر عن آيات الله لقاه الله المذلة في الدنيا، وعاقبه فيها قبل الآخرة؛ لأنها أكبر همه ومبلغ علمه، ﴿وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (٩) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾. أي: يقال له هذا تقريعًا وتوبيخًا، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾. كقوله تعالى: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن الصباح، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا


[١]- في خ: صحيح.
[٢]- في خ: بمجرد.
[٣]- سقط من ز، خ.
[٤]- سقط من خ.
[٥]- في خ: قال.
[٦]- سقط من ز.
[٧]- في ز: المعاندون.
[٨]- سقط من خ.
[٩]- سقط من ز.