للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾، قال بعض السلف [١]: قوله: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ أمر إباحة. وقال مالك: يستحب ذلك. وقال غيره: يجب. وهو وجه لبعض الشَّافعية.

واختلف [٢] في المراد بالقانع والمعتر؛ فقال العوفي، عن ابن عبَّاس: ﴿الْقَانِعَ﴾: المستغني بما أعطيته وهو في بيته. ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: الذي يتعرض لك، ويلم بك أن تعطيه من اللحم، ولا يسأل. وكذا قال مجاهد ومحمد بن كعب القرظي.

وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس: ﴿الْقَانِعَ﴾: المتعفف، ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: السائل. وهذا قول قتادة وإبراهيم النخعي ومجاهد في رواية عنه.

وقال ابن عبَّاس وعكرمة وزيد بن أسلم وابن الكلبي والحسن البصري ومقاتل بن حيان ومالك بن أنس: ﴿الْقَانِعَ﴾: هو الذي يقنع [٣] إليك ويسألك. ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: الذي يعتريك و [٤] يتضرع ولا يسألك. وهذا لفظ الحسن.

وقال سعيد بن جبير: ﴿الْقَانِعَ﴾: هو السائل. ثم قال: أما سمعت قول الشَّمَّاخ:

لمال [٥] المرء يصلحه فيغنى … مفاقره أعف من القنوع

قال: يغني من السؤال. وبه قال ابن زيد.

[وقال زيد بن] [٦] أسلم: ﴿الْقَانِعَ﴾: المسكين الذي يطوف. ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: الصديق والضعيف [٧] الذي يزور. وهو رواية عن عبد الله بن زيد أيضًا.

وعن مجاهد أيضًا: ﴿الْقَانِعَ﴾: جارك الغني [الذي يبصر ما يدخل بيتك] [٨] ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: الذي يعتريك من الناس. وعنه أن القانع: هو الطامع، والمعتر: هو الذي يعتر [٩] بالبدن من غني أو فقير. وعن عكرمة نحوه، وعنه: ﴿الْقَانِعَ﴾: أهل مكة.

واختار ابن جرير أن ﴿الْقَانِعَ﴾ هو السائل، لأنَّه من أقنع بيده إذا رفعها للسؤال،


= من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد به.