للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه منهم خافية في أحوالهم وحركاتهم وسكناتهم.

ولما بيَّن أنه المتصرف في الوجود، الحاكم الذي لا معقب لحكمه، قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾، أي: الإِله الحق، الذي [١] لا تنبغي العبادة إلا له؛ لأنه ذو [٢] السلطان العظيم، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وكل شيء فقير إليه، ذليل لديه، ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾، أي: من الأصنام والأنداد والأوثان، وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل؛ لأنه لا يملك ضرًّا ولا نفعًا.

وقوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ كما قال: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ وقال: ﴿[] [٣] الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾، فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته، لا إله إلا هو، ولا رب سواه؛ لأنه العظيم الذي لا أعظم منه، العلي الذي لا أعلى منه، الكبير [٤] الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدس وتنزه وعَزَّ وَجَلَّ عما يقول [٥] الظالمون علوًّا كبيرًا.

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (٦٦)

وهذا أيضًا من الدلالة على قدرته وعطم سلطانه، فإنه [٦] يرسل الرياح فتثير سحابًا، فيمطر على الأرض الجُرُز التي لا نبات فيها، وهي هامدة يابسة سوداء قحلة، ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾.

وقوله: ﴿فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾، الفاء هاهنا للتعقيب، وتعقيب كل شيء بحسبه، كما قال تعالى: ﴿[ثُمَّ خَلَقْنَا] [٧] النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا﴾


[١]- سقط من ز، خ.
[٢]- سقط من ز، خ.
[٣]- في ز، خ: "وهو".
[٤]- سقط من ز، خ.
[٥]- في خ: "يقوله".
[٦]- في ز: وإنه.
[٧]- في ز، خ، من: "فخلقنا".