للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية، وقد ثبت في الصحيحين: أن بين كل شيئين أربعين يومًا، ومع هذا هو معقب بالفاء، وهكذا هاهنا قال: ﴿فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾، أي: خضراء بعد [يبسها ومحوله] [١].

وقد ذكر عن بعض أرض [٢] الحجاز أنها تصبح عقب المطر خضراء [٣] فالله أعلم.

وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾، أي: عليم بما في أرجاء الأرض وأقطارها وأجزائها من الحب وإن صغر، لا يخفى عليه خافية، فيوصّل إلى كل منه قسطًا [٤] من الماء فينبته به، كما قال لقمان [لابنه] [٥]: ﴿يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦)[لقمان: ١٦]، وقال: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [] [٦] وقال: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ … ﴾ الآية، ولهذا قال أمية بن أبي الصلت -أو زيد لن عمرو بن نفيل- في قصيدته:

وقُولا له من يُنْبِتُ الحبَّ في الثرى … فيصبِحُ منه البَقْلُ يهتزُّ رابيا

ويخرجُ منه حبَّه في رءوسه … ففي ذاك آياتٌ لمن كان واعيا

وقوله: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾، أي: ملكه جميع الأشياء، وهو غني عما سواه، وكل شيء فقير إليه، وعبيد [٧] لديه.

وقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ﴾، أي: من حيوان وجماد، وزروع وثمار، كما قال: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾، أي: من إحسانه وفضله وامتنانه، ﴿وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾، أي [٨]: بتسخيره وتسييره [٩]، أي: في البحر العجاج، وتلاطم الأمواج، تجري الفلك بأهلها بريح طيبة، ورفق وتؤدة، فيحملون فيها ما شاءوا من تجائر وبضائع ومنافع، من بلد إلى بلد، وقطر إلى قطر، ويأتون بما عند أولئك إلى هؤلاء، كما ذهبوا بما عند هؤلاء إلى أولئك، مما يحتاجون إليه، ويطلبونه ويريدونه.


[١]- في ز: "يباسها وطولها".
[٢]- في خ: أهل.
[٣]- في خ: "خضرة".
[٤]- في خ: قسطه.
[٥]- سقط كان ت، ز.
[٦]- في خ: الآية.
[٧]- في ت: "عبد".
[٨]- سقط كان خ.
[٩]- سقط كان خ.