﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إلا بِإِذْنِهِ﴾، أي: لو شاء لأذن للسماء فسقطت على الأرض، فهلك من فيها، ولكن من لطفه ورحمته وقدرته، يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ولهذا قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أي: مع ظلمهم، كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
قال ابن جرير: يعني لكل أمة نبي منسكًا. قال: وأصل المنسك في كلام العرب هو الموضع الذي يعتاده الإِنسان ويتردد إليه، إما لخير أو شر. قال: ولهذا سميت مناسك الحج بذلك؛ لترداد الناس إليها وعكوفهم عليها.
فإن كان كما قال من أن المراد: لكل أمة نبي جعلنا منسكًا، فيكون المراد بقوله: ﴿فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ﴾، أي: هؤلاء المشركرن، وإن كان المراد: لكل أمة جعلنا منسكًا جعلًا قدريًّا، كما قال: ﴿وَلِكُلٍّ وجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾، ولهذا قال هاهنا: ﴿هُمْ نَاسِكُوهُ﴾، أي: فاعلوه فالضمير هاهنا عائد على هؤلاء الذين لهم مناسك وطرائق، أي: هؤلاء إنما يفعلون هذا عن قدر الله وإرادته، فلا تتأثر بمنازعتهم لك، ولا يصرفك ذلك عما