للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنت عليه من الحق، ولهذا قال: ﴿وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ﴾، أي: طريق واضح مستقيم موصل إلى المقصود.

وهذه كقوله: ﴿وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ﴾.

وقوله: ﴿وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، كقوله: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾.

وقوله: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ تهديد شديد، ووعيد أكيد، كقوله: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَينِي وَبَينَكُمْ﴾ ولهذا قال: [﴿اللَّهِ [١] يَحْكُمُ بَينَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩)﴾. وهذه كفوله تعالى: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَينَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَينَنَا وَبَينَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَينَنَا وَإِلَيهِ الْمَصِيرُ﴾.

﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)﴾.

يخبر تعالى عن كمال علمه بخلقه، وأنه محيط بما في السماوات وما في الأرض، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنه تعالى علم الكائنات كلها قبل وجودها، وكتب ذلك في كتابه اللوح المحفوظ، كما ثبت في صحيح مسلم (١٦٧)، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله، : "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".

وفي السنن (١٦٨) من حديث جماعة من الصحابة: أن رسول الله، ، قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب مما هو كائن. فجرى القلم بما هو كائن إلي يوم القيامة".


(١٦٧) مسلم، كتاب القدر، باب: حجاج آدم موسى (٢٦٥٣) بلفظ: "كتب الله مقادير الخلائق".
(١٦٨) ورد من حديث عبادة بن الصامت: أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب: القدر (٤٧٠٠)، والترمذي في تفسير القرآن (٣٣١٩) وفي القدر (٢١٥٥). وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". ورواه البيهقي في الأسماء والصفات من حديث ابن عباس (ص ٣٧٨).