للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصدق ﴿يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيهِمْ آيَاتِنَا﴾، أي: يكادون يبادرون الذين يحتجون عليهم بالدلائل الصحيحة [من القرآن] [١]، ويبسطون إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء ﴿قُلْ﴾، أي: يا محمد، لهؤلاء: ﴿أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، أي: النار وعذابها ونكالها أشد وأشق وأطم وأعظم مما تُخَوِّفون [٢] به أولياء الله المؤمنين في الدنيا، وعذاب [٣] الآخرة على صنيعكم هذا أعظم مما تنالون منهم، إن نلتم بزعمكم وإرادتكم.

وقوله: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي: وبئس النار منزلًا ومقيلًا ومرجعًا وموئلًا ومقامًا، ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَو اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَويٌّ عَزِيزٌ (٧٤)

يقول تعالى منبهًا على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾، أي: لما يعبده الجاهلون بالله الشركون به، ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾، أي: أنصتوا وتفهموا. ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَو اجْتَمَعُوا لَهُ﴾، أي: لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد، علي أن يقدروا علي خلق ذباب واحد، ما قدروا علي ذلك. كما قال الإمام أحمد (١٦٩):

حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شريك، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة -رفع الحديث- قال: "ومن أظلم ممن خلق خلقًا [٤] كخلقي! فليخلقوا مثل خلقي ذرة أو ذبابة أو حبة".

وأخرجه صاحبا الصحيح (١٧٠)، من طريق [٥] عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "قال الله ﷿: ومن أظلم ممن ذهب يخلق


(١٦٩) المسند (٢/ ٣٩١).
(١٧٠) صحيح البخاري، كتاب اللباس حديث (٥٩٥٣)، وصحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة (٢١١١).