للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كخلقي، فليخلقوا ذرة، فليخلقوا [١] شعيرة".

ثم قال تعالى أيضًا: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾، أي: هم عاجزون عن خلق ذباب واحد، بل أبلغ من ذلك، عاجزون عن مقاومته والانتصار منه، لو سلبها شيئًا [٢] من الذي عليها من الطيب، ثم أرادت أن تستنفذه منه، لما قدرت على ذلك. هذا، والذباب من أضعف مخلوقات الله وأحقرها، ولهذا قال: [﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾.

قال] [٣] ابن عباس: الطالب: الصنم، والمطلوب: الذباب. واختاره ابن جرير، وهو ظاهر السياق. وقال السدي وغيره: ﴿الطَّالِبُ﴾: العابد، ﴿وَالْمَطْلُوبُ﴾: الصنم.

ثم قال: ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ أي: ما عرفوا قدر الله وعظمته حين عبدوا معه غيره، من هذه التي لا تقاوم الذباب لضعفها وعجزها، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَويٌّ عَزِيزٌ﴾، أي: هو القوي الذي بقدرته وقوته خلق كل شيء ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ﴾ ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾.

وقوله: ﴿عَزِيزٌ﴾ أي: عز كل شيء فقهره وغلبه، فلا يُمانَع ولا يُغالب؛ لعظمته وسلطانه، وهو الواحد القهار.

﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦)

يخبر تعالى أنه يختار من الملائكة رسلًا فيما يشاء من شرعه وقدره، ومن الناس لا بلاغ رسالاته، ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾، أي: سميع لأقوال عباده، بصير بهم، عليم بمن يستحق ذلك منهم، كما قال: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسَالتَهُ﴾.

وقوله: ﴿يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾، أي: يعلم ما يفعل برسله فيما أرسلهم به، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم، كما قال: ﴿عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا (٢٦) إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا﴾، فهو سبحانه رقيب عليهم، شهيد على ما يقال لهم، حافظ لهم، ناصر


[١]- سقط من خ.
[٢]- في ز: شيء.
[٣]- سقط من ز، خ.