للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لجنابهم، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ الآية.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾

اختلف [١] الأئمة في هذه السجدة الثانية من سورة الحج: هل هي مشروع السجود فيها أم لا؟ على قولين، وقد قدمنا عند الأولى حديث عقبة بن عامر، عن النبي، : "فضلت سورة الحج بسجدتين، فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما".

وقوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾، أي: بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم، كما قال تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾.

وقوله: ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾، أي: يا هذه الأمة، الله اصطفاكم واختاركم علي سائر الأمم، وفضلكم وشرفكم وخصكم بأكرم رسول، وأكمل شرع.

﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾، أي: ما كلفكم ما لا تطيقون، وما ألزمكم [٢] بشيء فشق عليكم إلا جعل لكم فرجًا ومخرجًا، فالصلاة -التي هي أكبر أركان الإسلام بعد الشهادتين- تحب في الحضر أربعًا، وفي السفر تقصر إلي ثنتين، وفي الخوف يصليها بعض الأئمة ركعة، كما ورد به الحديث، وتصلى رجالًا وركبانا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. وكذا في النافلة في السفر [إلى القبلة] [٣] وغيرها، والقيام فيها يسقط بعذر المرض، فيصليها المريض جالسًا، فإن لم يستطع فعلى جنبه، إلي غير ذلك من الرخص والتخفيفات، في سائر الفرائض والواجبات، ولهذا قال : "بعثت


[١]- في خ: اختلفت.
[٢]- في خ: "وما أكرمكم".
[٣]- في خ: "في السلسلة".