للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْمُؤْمِنُونَ﴾، فقال الله: وعزتي وجلالي، لا يجاورني فيك بخيل". ثم تلا رسول الله : ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

فقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾، أي: قد فازوا وسعدوا، وحصلوا على الفلاح، وهم المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف.

﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿خَاشِعُونَ﴾: خائفون، ساكنون. وكذا رُوي عن مجاهد، والحسن، وقتادة، والزهرى. وعن علي بن أبي طالب : الخشوع: خضوع القلب. وكذا قال إبراهيم النخعي. وقال الحسن البصري: كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا الجناح.

وقال محمَّد بن سيرين: كان أصحاب رسول الله يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، فلما نزلت هذه الآية: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ خفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم.

قال ابن سيرين: وكانوا يقولون: لا يجاوز بصره مصلاه، فإن كان قد اعتاد النظر فليغمض. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.

ثم روى ابن جرير عنه وعن عطاء بن أبي رباح أيضًا مرسلًا: أن رسول الله كان يفعل ذلك، حتى نزلت هذه الآية.

والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرَّغ قلبَه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين، كما قال النبي في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي، عن أنس، عن رسول الله أنه قال: "حُبب إليَّ الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة" (٨).

وقال الإمام أحمد (٩): حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، [عن رجل من أسلم، أن رسول الله قال: "يا بلال، أرحنا بالصلاة] [١] ".


(٨) - رواه النسائي (٧/ ٦١) (٣٩٣٩، ٣٩٤٠). ورواه أحمد (١٢٣١٤).
(٩) - رواه أحمد حديث ٢٣١٩٤ - (٥/ ٣٦٤). ورواه أبو داود في كتاب الأدب، باب: في صلاة العتمة حديث ٤٩٨٥ - (٤/ ٢٩٨) من طريق مسدد، عن عيسى بن يونس، عن مسعر بن كدام به.