[وقال الإمام أحمد أيضًا (١٠): ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد] [١]، أن [عبد الله بن محمَّد بن الحنفية][٢] قال: دخلت مع أبي على صهر لنا من الأنصار، فحضرت الصلاة، فقال: يا جارية، ائتني بوضوء لعلي أصلي فأستريح. فرآنا أنكرنا عليه ذلك، فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "قم يا بلال، فأرحنا بالصلاة".
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْو مُعْرِضُونَ﴾، أي: عن الباطل، وهو يشمل الشرك -كما قاله بعضهم-والمعاصي [٣]-كما قاله آخرون- وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْو مَرُّوا كِرَامًا﴾ قال قتادة: أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم [٤] عن ذلك.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ الأكثرون على أن المراد بالزكاة ها هنا زكاة الأموال، مع أن هذه الآية [٥] مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة، في سنة اثنتين من الهجرة، والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبًا بمكة، كما قال تعالى في سورة الأنعام وهي مكية: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾.
وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة ها هنا زكاة النفس من الشرك والدنس، كقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ وكقوله: ﴿وَوَيلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ على أحد القولين في تفسيرها.
وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادًا، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال، فإنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا، والله أعلم.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾، أي: والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط، ولا يقربون سوى أزواجهم
(١٠) - الحديث في المسند برقم ٢٣٢٦٠ - (٥/ ٣٧١). ورواه أبو داود في كتاب الأدب، باب: صلاة العتمة، حديث ٤٩٨٦ - (٤/ ٢٩٨). من طريق محمَّد بن كثير، عن إسرائيل به.