للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التي أحلها الله لهم، وما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج، ولهذا قال: ﴿فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ أي: غير الأزواج والإِماء ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾، أي: المعتدون.

وقال ابن جرير (١١): حدثنا محمَّد بن بشار، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة -أن امرأة اتخذت مملوكها [١]، وقالت: تأولت آية من كتاب الله: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ﴾ فأتى بها عمر بن الخطاب فقال له ناس من أصحاب النبي : تأولتْ آية من كتاب الله ﷿ على غير وجهها. قال: فغرب العبد وجز رأسه، وقال: أنتِ بعده حرام على كل مسلم.

هذا أثر غريب منقطع، ذكره ابن جرير في أول تفسير سورة المائدة، وهو ها هنا أليق، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها، والله أعلم.

وقد استدل الإِمام الشافعي ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ﴾، قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾.

وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عرفة في جزئه المشهور (١٢) حيث قال: حدثني علي بن ثابت الجزري، عن مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد، عن أنس بن مالك، عن النبي قال: "سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا يجمعهم مع العاملين [٢]، ويدخلهم النار أول الداخلين، [إلا أن يتوبوا] [٣]، فمن تاب، تاب الله عليه: ناكح يده، والفاعل والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره". هذا حديث غريب، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، أي: إذا ائتمنوا لم يخونوا، بل يؤدونها إلى أهلها، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك، لا كصفات المنافقين، الذين قال


(١١) - تفسير الطبري حديث ١١٢٧٧ - (٩/ ٥٨٦).
(١٢) - إسناده ضعيف، علته مسلمة هذا، قال الذهبي: مسلمة بن جعفر، عن حسان بن حميد، عن أنس في سب الناكح يده، يجهل هو وشيخه، وقال الأزدي: ضعيف.