للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْمًا﴾.

وهكذا قال هاهنا: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾، أي: ويعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أينما كنتم، والله بما تعملون بصير، وهو سبحانه لا يَحجبُ عنه سماء سماء، ولا أرض أرضًا، ولا جبل إلا يعلم ما في وَعْره، ولا بحر إلا يعلم ما في قَعْره، يعلم عدد ما في الجبال والتلال والرمال، والبحار والقفار والأشجار، ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.

﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَينَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢)

يذكر تعالى نعمه على عبيده [١] التي لا تعد ولا تحصى، في إنزاله القطر من السماء ﴿بِقَدَرٍ﴾، أي: بحسب الحاجة، لا كثيرًا فيفسد الأرض والعمران، ولا قليلًا فلا يكفي الزروع والثمار، بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به، حتى إن الأراضي التي تحتاج ماء كثيرًا لزرعها، ولا تحتمل دمنتها [٢] إنزال المطر عليها يسوق إليها الماء من بلاد أخرى، كما في أرض مصر، ويقال لها: (الأرض الجرز) يسوق اللَّه إليها ماء النيل، معه طين أحمر يجترفه من بلاد الحبشة في زمان أمطارها، فيأتي الماء يحمل طينًا أحمر، فيسقي أرض مصر، ويقر الطين على أرضهم ليزدرعوا فيه؛ لأن أرضهم سباخ يغلب عليها الرمال، فسبحان اللطيف الخبير، الرحيم الغفور.

وقول: ﴿فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾، أي: جعلنا الماء إذا نزل من السحاب يخلد في الأرض، وجعلنا [٣] في الأرض قابلية له، تشربه ويتغذى به ما فيها من الحب والنوى.

وقوله: ﴿وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾، أي: لو شئنا أن لا تمطر [٤] لفعلنا، ولو


[١]- في ز: عبده.
[٢]- سقط من: [خ].
[٣]- في ز: وجعل.
[٤]- في ز: نمطر.