للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البلاد النائية عنهم، كما قال تعالى: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَال يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقَال الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥)

يخبر تعالى عن نوح حين بعثه [١] إلى قومه؛ لينذرهم عذاب اللَّه بأسه الشديد، وانتقامه ممن أشرك به، وخالف أمره وكذب رسله ﴿فَقَال يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ أي: ألا تخافون من اللَّه في إشراككم به؟! ﴿فَقَال الْمَلَأُ﴾ وهم السادة والأكابر منهم ﴿مَا هَذَا إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيكُمْ﴾ يعنون: يترفع عليكم، ويتعاظم بدعوى النبوة، وهو بشر مثلكم، فكيف [٢] أوحي إليه دونكم؟ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً﴾، أي: لو أراد أن يبعث نبيًّا، لبعث ملكا من عنده ولم يكن بشرًا! ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا﴾، أي: ببعثة البشر ﴿فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ يعنون بهذا أسلافهم [٣] وأجدادهم والأمم الماضية.

وقوله: ﴿إِنْ هُوَ إلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾، أي: مجنون فيما يزعمه، من أن اللَّه أرسله إليكم، واختصه من بينكم بالوحي ﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ﴾، أي: انتظروا به ريب المنون، واصبروا عليه مدَّة حتى تستريحوا منه.

﴿قَال رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَينَا إِلَيهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَينِ اثْنَينِ وَأَهْلَكَ إلا مَنْ سَبَقَ عَلَيهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ


[١]- في ز: بعثه الله.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- في ز: آباءهم.