للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَبِيلًا﴾ وقال تعالى في جواب ما عاندوا ها هنا وافتروا: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية [١]، أي: أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخبارًا حقًّا صدقًا، مطابقًا للواقع في الخارج، ماضيًا ومستقبلًا، ﴿أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ أي: الله الذي يعلم غيب السموات والأرض، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، دعاء لهم إلى التوبة والإِنابة، وإخبار لهم [٢] بأن رحمته واسعة، وأن حلمه [٣] عظيم، وأن من تاب إليه تاب عليه، فهؤلاء - مع كذبهم وافترائهم وفجورهم، وبهتهم وكفرهم وعنادهم، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا - يدعوهم إلى التوبة والإِقلاع عما هم فيه إلى الإِسلام والهدى؛ كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾. قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة!

﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَال الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إلا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) انْظُرْ كَيفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَال فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (١١) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (١٤)


[١]- سقط من: ز، خ.
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- في ز، خ: "حكمه".