للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماء، وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة.

قال ابن مسعود وابن عبَّاس: ليس عام بأكثر مطرًا من عام، ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَينَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إلا كُفُورًا﴾.

أي: ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة أنَّه قادر على إحياء الأموات والعظام والرفات [١]. أو: ليذكر من مُنِعَ القَطْر أنما أصابه ذلك بذنب أصابه، فيقلع عما هو فيه.

وقال عُمَر مولى غُفْرَةَ: كان جبريل في موضع الجنائز، فقال له النبي، : "يا جبربل، إني أحب أن أعلم أمْرَ السحاب" قال [٢] فقال جبريل: يا نبي الله، هذا ملك السحاب فسله. فقال: تأتينا صكَاك مخَتَّمة: اسق بلاد كذا وكذا، كذا وكذا قطرة. رواه ابن أبي حاتم، وهو حديث مرسل.

وقوله: ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إلا كُفُورًا﴾. قال عكرمة: يعني الذين يقولون: مطرنا بنَوء كذا وكذا.

وهذا الذي قاله عكرمة كما صَحّ في الحديث المخرج في صحيح مسلم (١٧)، عن رسول الله، ، أنَّه [٣] قال لأصحابه يومًا [٤]، على أثر سماء أصابتهم من الليل: أتدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما [٥] من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي، مؤمن بالكوكب".

﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَينِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَينَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤)

يقول تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا﴾، يدعوهم إلى الله ﷿، ولكنا خصصناك، يا محمد، بالبعثة إلى جميع أهل الأرض، وأمرناك أن تبلغ الناس هذا القرآن،


(١٧) صحيح مسلم حديث (٧١) من حديث زيد بن خالد الجهني.